مرض تعفن الحضنة الأمريكي 

مرض الحضنة الأمريكي هو مرض يصيب يرقات النحل، وهو شائع جدًا في عالم تربية النحل. هذا المرض لا يضر الإنسان و لكنه ذو تأثير مدمر على خلية النحل، لا يوجد حتى الساعة أي علاج فعال ضد المرض، و لكن توجد علاجات محدودة الفعالية تعتمد على المضادات الحيوية.و توجد زيوت نباتية تسهم في الوقاية من المرض. 

الحل الموصى به للتعامل مع تعفن الحضنة الأمريكي، هو حرق الخلية بأكملها مع كل الخلايا المشكوك في إصابتها. إضافة إلى التعقيم الصارم لكل أدوات النحال أو التخلص منها بإحراقها.

أسباب مرض تعفن الحضنة الأمريكي

المسبب لهذا المرض هو بكتيريا تُسمى Paenibacillus larvae. هذه البكتيريا تنتج أبواغًا يمكنها البقاء على قيد الحياة في ظروف قاسية جدا، كتحمل درجة حرارة 100 مئوية لمدة نصف ساعة، و مقاومة الكلور وأنواع أخرى من المطهرات، إضافة إلى تحمل الإشعاع فوق البنفسجي لمدة تصل إلى 20 دقيقة. و يمكن للأبواغ أن تبقى حية داخل الشمع أو العسل لمدة عشر سنوات، و يمكنها أيضا أن تبقى حية داخل أو على سطح أدوات النحال لمدة تتجاوز الأربعين سنة.

لا تُعرف حشرات أو حيوانات أخرى تصاب بعدوى بكتريا Paenibacillus larvae، و يمكن أن يكون النحل هو الحاضن الوحيد لها.

كيف تنتشر عدوى الحضنة الأمريكي؟

انتقال بكتيريا الحضنة الأمريكي لخلية سليمة

يمكن أن تدخل البكتيريا خلية سليمة إذا تعرضت للسرقة من قبل نحل ناقل للعدوى، أو دخلها نحل تائه مصاب.

و يمكن أن يقوم النحال بنقل البكتيريا، دون قصد طبعا، إلى الخلية السليمة باستعمال أدوات ملوثة. أو من خلال نقل شمع أو إطارات ملوثة إلى خلية سليمة، أو من خلال تغذية النحل بعسل ملوث.

بكتيريا  Paenibacillus larvae يمكن أن تعيش في العسل أو الشمع لمدة تترواح بين 3 و 10 سنوات، لذلك لا يجب تغذية النحل بعسل مجهول المصدر، و حتى لو كان هذا النوع من العسل غير خطير على صحة الإنسان، فهو قاتل للنحل.

انتقال بكتيريا الحضنة الأمريكي ليرقة سليمة

خلال تغذية الحاضنات لليرقات، تنتقل الأبواغ من الجهاز الفموي الملوث للنحلة البالغة إلى اليرقة، هذه الأبواغ تتحول إلى بكتيريا نشطة خلال 24 إلى 48 ساعة بعد دخولها أمعاء اليرقات.  لكن البكتيريا مع ذلك لا تتمكن من اختراق جدار الأمعاء إلى الدم، حتى تصل اليرقة إلى مرحلة العذراء، حيث تبدأ البكتيريا بعدها في التكاثر داخل الدم بشكل جنوني، سيؤدي في النهاية إلى موت اليرقة. يمكن لقشرة يرقة جافة ميتة أن تحتوي على ما يصل إلى 2.5 تريليون من الأبواغ.

تفشي المرض بسبب السلوكات الصحية للنحل

يلجأ النحل عادة لتنظيف إطارات الشمع من الشوائب و اليرقات الميتة، و هو سلوك صحي مهم يحافظ من خلاله على نظافة الخلية و صحة النحل. لكنه يؤتي نتائج عكسية في حالة مرض الحضنة الأمريكي، لأن العاملات التي تخلص الشمع من جثت اليرقات الميتة، تتعرض بدورها للإصابة، و تنقل الإصابة لاحقا ليرقات جديدة.

الانتقال من جديد لخلايا أخرى سليمة

تصير الخلايا المصابة، بسبب ضعفها هدفا للسرقة من قبل الخلايا السليمة، مما ينشر العدوى داخل خلايا جديدة، لأن البكتيريا تنتقل بسهولة عبر العسل المسروق أو عبر الاحتكاك بالنحل المصاب.

علامات مرض تعفن الحضنة الأمريكي

بدايات تفشي المرض

في البداية لا يظهر تأثير على عدد النحل البالغ، لأن البكتيريا لا تهاجم إلا اليرقات.

تظهر عيون سداسية داكنة اللون بين العيون السليمة ذات اللون الطبيعي، تكون هذه العيون المصابة مقعرة أو مثقوبة، لأن الشغالات يلجأن لثقب الغطاء الشمعي في محاولة للتخلص من الجثت الكريهة.

إن تم إدخال عود ثقاب في عين مصابة، و تم إخراجه، يسحب معه خيطا لزجا قد يمتد لأربع سنتمترات، و هو في الحقيقة ما تبقى من جسد اليرقة الميتة.

تطور المرض

بازدياد عدد اليرقات المصابة، تتكاثر العيون السداسية الداكنة اللون، و تبدأ رائحة كريهة في الانبعاث بشكل واضح، و يتراجع عدد النحل البالغ إلى النصف أو أقل، تلك الرائحة المثيرة للغثيان تعلن في الحقيقة قرب نهاية مستعمرة النحل.

علاج مرض تعفن الحضنة الأمريكي

في عدة بلدان أوروبية وأمريكية لاتينية، يمنع استخدام المضادات الحيوية لعلاج تعفن الحضنة الأمريكي، رغم السماح باستخدامها لعلاج تعفن الحضنة الأوربي.

السبب الذي يفسر هذه المفارقة، هو الاعتقاد بعدم فعالية المضادات الحيوية ضد أبواغ البكتيريا، حتى حين يظهر تحسن على الطائفة بعد المعالجة، يكون هذا التحسن عرضيا فحسب، و لا يقضي على المرض، الذي سرعان ما يعاود الظهور لاحقا.

لذلك، فالمراهنة على علاج تعفن الحضنة الأمريكي، بالمضادات الحيوية، خصوصا حيت يتعلق الأمر بطوائف مصابة بشكل متقدم، هي مراهنة خاسرة، و سأوضح الأسباب:

  • لا يكفي الاستخدام الواحد طوال السنة في القضاء على البكتيريا، بل لا بد من إعادة المعالجة بالمضادات الحيوية مرات متعددة. دون ضمانات بالشفاء بشكل تام.
  • مع تكرار المعالجة، يتجدد خطر تلوث العسل بالمضاد الحيوي، و كثير من دول العالم ترفض استيراد العسل الذي يحتوي على آثار مضادات حيوية، أو تأمر النحالين بالتخلص من عسل الطوائف المصابة.
  • الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية يرهق النحل و الحضنة و يؤثر سلبيا على صحة النحل عموما، و يزيد في إمكانية تشكيل البكتيريا لمناعة ذاتية ضد المضادات مستقبلا. 
  • الإبقاء على طوائف مصابة، حتى و لو كانت تحت المراقبة أو المعالجة يشكل خطرا على طوائف النحالين الأخرين، و لا توجد طريقة واضحة تضمن عدم انتقال العدوى إليها.

مالعمل إذن؟ 

الاستراتجية المتبعة في أكثر دول العالم تتضمن منهجين:

إهلاك الطوائف المصابة بشكل متقدم، عن طريق الحرق، ثم اتباع منهج نقل النحل البالغ مع الطوائف السليمة المجاورة أو التي أصيبت بشكل خفيف. و سنشرح هذه الطرق:

طريقة الحرق بالنار

  • يجب أولا الحصول على ترخيص باستعمال النار لحرق الطوائف من الجهات المختصة، و يجب طبعا قبل ذلك إعلام هذه السطات بوجود مرض تعفن الحضنة الأمريكية في المنحل.
  • يجب تحديد الخلايا المصابة بدقة عن طريق فحص الأعراض السريرية للمرض في النحل والحضنة ثم غلقها و التأكد من إغلاق كل الشقوق و المنافذ التي قد يهرب منها النحل، ثم يتم نقلها بعيدا عن الخلايا السليمة.
  • يتم اختيار موقع الحرق و إعداده للعملية،  موقع الحرق يجب أن يكون بعيدا عن الخلايا السليمة وأي مواد كيماوية قابلة للاشتعال. يفضل أن يكون الموقع في منطقة مفتوحة لتجنب أي خطر من انتشار النار. و يتم حفر حفرة توضع فيها الخلايا.
  • يتم إضافة مادة قابلة للاشتعال مثل الكيروسين أو البنزين لضمان حرق الخلايا بشكل كامل. يجب مراقبة الحريق حتى يتم التأكد من تدمير الخلايا بالكامل وموت جميع النحل المصاب.
  • بعد انتهاء عملية الحرق وبرودة الرماد، يجب جمعه ودفنه في موقع مناسب لمنع انتشار الأمراض عبر الرماد.
  • بعد الانتهاء من الحرق، يجب تنظيف وتطهير الموقع وأي أدوات أو معدات استخدمت في العملية لمنع تكرار العدوى. لكن لأن تطهير الأدوات بالطرق الفعالة مثل استعمال أشعة غاما غير متوفر لجميع النحالين، يفضل حرق هذه الأدوات مع النحل نفسه في الخطوات السابقة. لا بد من الانتباه إلى أن المواد المطهرة أو التجميد لا يقضيان على البكتيريا. و لا يكفيان لتعقيمها.

طريقة نقل النحل البالغ

يتم تطبيق هذه الطريقة في الخلايا التي لا تعرض أعراضا سريرية للإصابة المتقدمة بالبكتيريا، حيث يتم إعدام كل الجضنة، و التخلص من أقراض الشمع و حتى الأدوات المستعملة، ونقل النحل البالغ فقط لخلية سليمة جديدة.

يمكن حسب بعض المختصين الاحتفاظ بصندوق النحل، دون الإطارات، بشرط تعقيمه بشكل جيد، و الطريقة الأمثل لتعقيم الصندوق أو حتى بعض الأدوات، هي باستعمال شعلة الغاز، أي الجهاز الذي يقذف النار، و يجب استعماله بشكل مكثف حتى يتحول لون الصناديق لما يشبه الخبز المحروق، مع التركيز على استهداف الأركان و الزوايا و الشقوق. 

بعد ذلك، لا بد من تطبيق بروتوكول علاجي باستخدام مضاد حيوي مسموح به، مع المراقبة المستمرة للحالة الصحية للخلية الجديدة.

و كما هو الحال دائما، لا يكفي استعمال المضاد الحيوي لمرة واحدة، إذ لا بد من تكرار الاستعمال.

Similar Posts