أرقام هامة حول إنتاج العسل عبر العالم و في الدول العربية

إنتاج العسل يعرف تطورا تصاعديا منذ الستينيات 

رغم تفشي ظاهرة انهيار خلايا النحل، و رغم تزايد استخدام المبيدات بشكل أثر سلبا على صحة النحل. لم يعرف إنتاج العسل على المستوى العالمي تراجعا منذ خمسين سنة، بل تؤكد الإحصائيات أنه لا زال في ارتفاع مطرد منذ ستينيات القرن الماضي.

المخطط البياني أعلاه يوضح التطور المتواصل الذي عرفه إنتاج العسل من سنة 1961 إلى سنة 2022، حيث كان مستوى الإنتاج حوالي 679 ألف طن سنة 1961، و لكنه بلغ بعد ذلك 800 ألف طن في أوائل السبعينيات رغم بعض التقلبات الظرفية.

ثم تطور إلى أكثر من 900 ألف طن في نهاية عقد السبعينات، و تخطى حاجز المليون طن في أوائل الثمانينيات. وكانت سنة 1986 علامة فارقة، حيث تجاوز الإنتاج 1.1 مليون طن.

شهدت التسعينيات والألفيات تطورا متواصلا، حيث بلغ الإنتاج أكثر من 1.2 مليون طن في نهاية القرن العشرين و أكثر من 1.5 مليون طن بحلول سنة 2008.

في العقد الحالي، بلغ الإنتاج ذروته سنة 2017، حيث وصل إلى حوالي 1.9 مليون طن. لكنه عرف انخفاضا طفيفا في السنوات اللاحقة، و تراجع إلى حوالي 1.8 مليون طن سنة 2022.

إذن، المنحى العام لإنتاج العسل عبر العالم ، هو منحى تطور مستمر منذ ستينيات القرن الماضي إلى اليوم، رغم التقلبات السنوية والانخفاضات العرضية.

هل يعني التطور المتواصل لمستوى إنتاج العسل عبر العالم أنه لا مبرر موضوعي للقلق حول مصير النحل ؟

لا بد من تجنب التفسير الميكانيكي لمنحنيات التطور، فارتفاع إنتاج العسل عبر العالم ، و هي حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها، لا يعكس صحة أفضل للنحل، و لا يعني أن مستقبل النحل اليوم أفضل مما كان عليه بالأمس، و لا يعني أيضا بطلان نظرية انهيار طوائف النحل التي تهدد نحل العسل و مستقبل النحالين في كل دول العالم.

ذلك، أن النحل، عكس حشرات أخرى كثيرة تضررت من استعمال أشباه مشتقات النيكوتين، يستفيد بشكل أساسي من تدخل البشر، و أعني هنا مجهودات النحالين لمضاعفة الخلايا، و تعويض الخلايا المفقودة، و هو امتياز تفتقده باقي حشرات الطبيعة. هذا الجهد يمكن أن يغطي بشكل كبير حالات التراجع التي تشهدها الإنتاجية في أماكن عديدة… و لعل نظرة أعمق للإحصائيات قد تؤكد هذا الاحتمال.

إحصائيات التطور العام لإنتاج العسل، تخفي حقيقة تراجع الإنتاج في عدد من دول العالم

حين نقارن بين إنتاج العسل في كل قارة على حدة. نكتشف أن ما قد يظهر تطورا عاما لأول وهلة، يخفي ركودا أو تطورا ضعيفا لدى أغلب الدول ، ذلك أن المعدل العام لإنتاج العسل في العالم مرتبط أساسا بتزايد إنتاج قارة واحدة هي آسيا. في حين عرف إنتاج العسل لدى مجموع دول أفريقيا و أوربا ركودا أو تطورا طفيفا على مدار الستين سنة الماضية.

هذا المنحى التراجعي يتأكد أيضا على مستوى بعض الدول الكبيرة التي كانت رائدة على مستوى الإنتاج و أهمها الولايات المتحدة الأمريكية:

10 دول الأكثر إنتاجا للعسل في العالم

تحتل الصين المرتبة الأولى عالميا في إنتاج العسل، و تمثل لوحدها ما يفوق ربع الإنتاج العالمي من العالمي، وبعد ذلك تأتي تركيا في المرتبة الثانية ضمن نادي الدول العشرة الأكثر إنتاجا، بحوالي 6,5% من مجموع الإنتاج العالمي للعسل، تليها دولة مسلمة أخرى هي إيران، ثم الهند ثم الأرجنتين، ثم روسيا ثم المكسيك ثم أوكرانيا ثم البرازيل، و أخيرا الولايات المتحدة الأمريكية التي تعرف تراجعا متواصلا في الإنتاج منذ عقود.

تنتج هذه الدول العشرة لوحدها ما يفوق 60% من إنتاج العالم.

إنتاج العسل في الدول العربية

للاسف، لا نتوفر على إحصائيات منتظمة و كافية بكل الدول العربية، في المقابل، لا يمكن الاعتماد على التقديرات الصادرة عن منظمات النحالين لتضمنها تقارير مبالغة في أغلب الأحيان. لذلك اخترنا الاكتفاء بإحصائيات سنة 2022، و بناء عليها يكون ترتيب الدول العربية حسب كمية العسل المنتج على النحو التالي:

أغلب البلدان العربية اليوم، لا ينتج أكثر من ألفي طن من العسل سنويا، باستثناء ستة بلدان هي الجزائر و المغرب و مصر و تونس و سوريا و اليمن.

و تظهر منحنيات تطور الإنتاج في أكثر ثلاثة بلدان عربية منتجة للعسل، تطورا للإنتاج في المغرب و الجزائر، مع تراجع طفيف لإنتاج الجزائر بعد سنة 2018، أما مصر فتسجل تراجعا دراماتيكا بعد سنة 1987. فبعد أن كانت قادرة على إنتاج 12384 طن أواخر الثمانينات من القرن الماضي، هوى إنتاجها اليوم إلى أقل من نصف هذه الكمية.

خلاصة

إذا كان من السهل تفسير تطور إنتاج العسل عبر العالم، بازدهار تربية النحل في الصين، فإن تفسير تراجع الإنتاج في عدة دول، هو أمر أكثر صعوبة. يمكننا طبعا عرض عدد من الأسباب المنطقية، مثل انتشار الفاروا و تغير المناخ الذي أثر بشكل كبير على مصادر الرحيق، بالإضافة للاستعمال المتزايد للمبيدات، و تفشي أساليب الإنتاج المتوحشة و غير المستدامة، التي تهدف أساسا لتقوية الإنتاج دونما اهتمام بصحة النحل. لكن بعض الدول في أوربا و افريقيا عرفت رغم ذلك تطورا في الإنتاج في ظل وجود كل هذه الإكراهات.

هذا يعني أن العامل الإنساني يبقى مهما في تذليل الصعوبات التي تعترض النحال، فالمراقبة المستمرة للطفيليات، و اعتماد التقنيات الفعالة في مكافحتها إضافة لاعتماد السلالات الأكثر مناعة، مع وجود سوق محلية و استهلاك مرتفع للعسل الطبيعي، كلها عوامل تشجع النحالين على العطاء و الإنتاج.

لكن مهما اجتهد النحال بمفرده ، لا يمكن لفرد أن يحل مشاكل تهم مجتمع النحالين بشكل عام، لذلك يبقى تدخل الحكومات أمرا حاسما في تطوير إنتاج العسل، و هو ما شهدناه فعلا في عدة دول عرفت مسارا ناجحا على هذا المستوى، كالصين التي يقوم فيها مفتشوا الحكومة بمراقبة دورية لخلايا النحل، و حيث تمنح الدولة قروضا هامة للنحالين، هذا الشكل من الدعم نشهده أيضا في المغرب، حيث تبعث الوزارة المعنية بمكونين على مستوى عال من التجربة لتأطير النحالين، كما تتولى إمدادهم بالمضادات المناسبة لمكافحة الفاروا، و كلها مجهودات أدت لمضاعفة الإنتاج خلال خمس سنوات فقط، دعم مشابه تقدمه الحكومات في الجزائر و تركيا و عدة دول أخرى.

Similar Posts