إنتاج العسل يعرف تطورا تصاعديا منذ الستينيات
رغم تزايد القلق من ظاهرة انهيار خلايا النحل و الآثار السلبية لاستعمال المبيدات. لا تؤكد النظرة الأولى للإحصائيات الخاصة بإنتاج عسل النحل تراجعا في كمية العسل المنتج على مدى أكثر من خمسين عاما.

المخطط البياني أسفله، و الذي يستند لأحدث إحصائيات رسمية صادرة عن منظمة الأغذية و الزراعة التابعة للأمم المتحدة، يبين أن إنتاجية المناحل من العسل تشهد تطورا عاما مستمرا ممتدا من سنة 1961 إلى سنة 2016.



تزايد مستمر لعدد خلايا النحل أيضا
عدد خلايا النحل في العالم يشهد تزايد مطردا أيضا، رغم الآفات و الأمراض و المخاطر البيئية الحديثة، ، حتى أن أن شركة باير، و هي أحد المصنعين الأساسيين لمبيدات النيونيكوتيد، العقار الذي يشتبه في ضلوعه في مأساة انهيار خلايا النحل، تستشهد بإحصائيات مماثلة للتشكيك في مصداقية اتهامات النحالين و حماة البيئة.




ماذا تعني هذه الأرقام و هل القلق على مصير النحل غير مبرر؟

لا بد من الانتباه هنا، إلى ضرورة تجنب التفسير الميكانيكي لمنحنيات التطور، فالتطور المطرد لإنتاج العسل عبر العالم ، و هي حقيقة واقعية، لا يعني بالضرورة أن النحل اليوم يعيش حالا أفضل من الأمس، و لا يعني أيضا كذب نظرية انهيار خلية النحل.

ذلك، أن النحل، عكس حشرات أخرى كثيرة تضررت من استعمال أشباه مشتقات النيكوتين، يستفيد بشكل أساسي من تدخل البشر، و أعني هنا مجهودات النحالين لمضاعفة الخلايا، و تعويض الخلايا المفقودة، و هو امتياز تفتقده باقي حشرات الطبيعة. هذا الجهد يمكن أن يغطي بشكل كبير حالات التراجع التي تشهدها الإنتاجية في أماكن عديدة... و لعل نظرة أعمق للإحصائيات قد تؤكد هذا الاحتمال.

المقارنة بين القارات تكشف الطبيعة اللامتكافئة للتطور

حين نقارن بين إنتاج العسل في كل قارة على حدة. نكتشف أن ما قد يظهر تطورا عاما لأول وهلة، يخفي ركودا أو تطورا ضعيفا لدى أغلب الدول ، ذلك أن المعدل العام لإنتاج العسل في العالم مرتبط أساسا بتزايد إنتاج قارة واحدة هي آسيا. و بالذات دولة الصين التي صارت سنة 2016 تنتج لوحدها ما يقارب 28% من الإنتاج العالمي.



تحتل تركيا بعد الصين المرتبة الثانية ضمن نادي الدول العشرة الأكثر إنتاجا، بحوالي 6% من مجموع الإنتاج العالمي للعسل، تليها دولة مسلمة أخرى هي إيران، ثم الولايات المتحدة فروسيا فالهند، ثم أوكرانيا فالمكسيك ثم الأرجنتين، و تحتل اثيوبيا المركز العاشر، و هي أول دولة منتجة للعسل في افريقيا.
تنتج هذه الدول العشرة لوحدها 1106953 طن، أي حوالي 62% من إنتاج العالم.



ماذا عن الدول العربية؟
للاسف، لا تتوفر منظمة الأغذية و الزراعة، على إحصائيات منتظمة و كافية بكل الدول العربية، في المقابل، لا يمكن الاعتماد على التقديرات الصادرة عن منظمات النحالين لتضمنها تقارير مبالغة في أغلب الأحيان. لذلك اخترنا الاكتفاء بالإحصائيات الرسمية المتوفرة لـ " الفاو" لأنها على محدوديتها، تظل ذات مصداقية أكبر.
إن ركزنا على سنة 2016، يكون ترتيب الدول العربية حسب كمية العسل المنتج على النحو التالي:


أغلب البلدان العربية اليوم، لا ينتج أكثر من ألفي طن من العسل سنويا، باستثناء ستة بلدان هي الجزائر و المغرب و مصر و تونس و سوريا و اليمن.
و تظهر منحنيات تطور الإنتاج في هذه البلدان الستة، تطورا للإنتاج في الجزائر و سوريا و اليمن، و تراجعا لإنتاج المغرب مقارنة مع سنتي 1972 و 1980 ، وتسجل مصر تراجعا دراماتيكا بعد سنة 1987. فبعد أن كانت قادرة على إنتاج أكثر من مليون طن أواخر الثمانينات من القرن الماضي، هوى إنتاجها اليوم إلى أقل من نصف هذه الكمية.