العلاج بسم النحل يقتل امرأة في اسبانيا
تداولت عدة صحف إسبانية هذا الأسبوع خبر وفاة سيدة اسبانية بعد جلسة معالجة بسم النحل، رغم أن تاريخها الطبي ينفي وجود حساسية تجاه لسع النحل، أو وجود أعراض ربو أو مشاكل في القلب يمكن أن تفسر الأعراض الصحية التي عانت منها قبل الموت. و كانت هذه السيدة التي تبلغ من العمر خمسة و خمسين سنة تواظب على جلسات لسع النحل منذ سنتين بمعدل جلسة كل أربعة أسابيع بهدف تخفيف بعض أعراض التقلص العضلي و الضغط النفسي.
بعد جلستها الأخيرة ، بدأت هذه السيدة المقيمة بمدريد تعاني من اضطرابات ملحوظة في التنفس، و دخلت تدريجيا حالة غيبوية، تعقدت بسبب غياب حقنات الأدرينالين و تأخر سيارة الإسعاف، ثم وافتها المنية بعد عدة أسابيع في المستشفى. و تم تشخيص حالتها من قبل الأطباء كحالة فشل عضوي متعدد.
و قام الباحثان Paula Vazquez-Revuelta و Ricardo Madrigal-Burgaleta في المستشفى الجامعي بمدريد بتوثيق حالة الوفاة هذه ضمن تقرير طبي نشر في Journal of Investigational Allergology and Clinical Immunology باعتبارها أول حالة وفاة جراء المعالجة بسم النحل في اسبانيا، و خلصا ضمن هذا التقرير إلى أن ” مخاطر التداوي بلسع النحل قد تتجاوز فوائده المحتملة، و هذا يدفعنا لاعتبار هذه الطريقة خطيرة لا يُنصح بها” .
Photo by Waugsberg / CC BY-SA 3.0
تحفل أدبيات النحالين العرب و الغربيين على السواء، بأحاديث عن معجزات علاجية تحققت بفضل لسع النحل، غير أن البحوث العلمية لا تؤكد دائما هذه الادعاءات، و تقوم نظرية التداوي بسم النحل على إضفاء خواص علاجية متعددة على الأبوتكسين أو سم عسل النحل، منها قدراته على مقاومة البكتيريا و علاج الصداع و التهاب الكبد الوبائي إضافة إلى تنشيط استجابات الجهاز المناعي، و مداواة أمراض هامة منها التهاب المفاصل و التصلب اللويحي الذي لا يزال الطب الحديث عاجزا عن مواجهته أو فهمه أسبابه.
و لذلك، تحظى المعالجة بسم النحل بشعبية كبيرة، خصوصا في الدول العربية و الأسيوية، و يدعم هذه المعتقدات، اعتقاد واسع ببراءة لسع النحل من المسؤولية عن أية حالة وفاة لدى المرضى, غير أن التقرير السابق يذهب عكس هذا الاعتقاد ، و كانت المجلة العلمية PLOS One قد نشرت بدورها دراسة تعرض عددا من مخاطر التداوي بلسع النحل، و أشارت لوجود حالة وفاة ناتجة عن اللسع حدثت في كوريا الجنوبية سنة 2011.
يذكر أيضا أن دراسة أخرى نشرت عام 2005 في مجلة Neurology نفت وجود أي تحسن ملحوظ لدى عينة من المرضى المصابين بالتصلب اللويحي بعد تعرضهم للعلاج بسم النحل.
كل هذه الدراسات، لا تدفعنا طبعا للقول بعدم وجود فوائد للتداوي بسم النحل بشكل عام، و لكنها في الحقيقة، تنبهنا لمخاطره المحتملة، و تعقيده كممارسة طبية، و تبعدنا عن الوهم الذي يدعي قدرته على علاج كل داء يستعصي على الطب. فالمعالج بسم النحل لا بد أن يتوفر على تكوين طبي كاف يسعفه في الحالات الطارئة و يبعده عن مغبة تسخير لسعاته لمداواة أشخاص غير مؤهلين صحيا لتقبل هذا النوع من العلاج. كما أنها تلزمه بضرورة مصارحة المرضى بكل الاحتمالات الصحية الممكنة.
الكاتب
جبران أجباح خاص بأجباح، يمنع النقل دون إرفاق رابط يحيل إلى المصدر